في سياق الجهود الحكومية لتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية في العراق، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن شمول 1200 أسرة عراقية بقرار إطفاء ديون الحماية الاجتماعية، وهو قرار يُنظر إليه كخطوة حقيقية نحو العدالة الاجتماعية وتحقيق التوازن الاقتصادي بين فئات المجتمع المختلفة.
يشير مصطلح "إطفاء الديون" في هذا السياق إلى إلغاء أو إعفاء الأسر الفقيرة من المبالغ المالية التي كانت مطالبة بإعادتها إلى الدولة، سواء بسبب صرف مبالغ عن طريق الخطأ أو تغيير في وضعها الاقتصادي أفقدها شرط الاستحقاق.
هذه الديون كانت تشكّل عبئًا كبيرًا على كاهل آلاف الأسر ذات الدخل المحدود، مما جعل القرار الأخير موضع ترحيب واسع، كونه يعكس تفهّم الدولة لظروف الناس المعيشية المعقدة، لاسيما في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة وارتفاع نسب الفقر والبطالة.
أهمية القرار بإعفاء الأسر من الديون
يأتي هذا القرار بعد سلسلة مراجعات أجرتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لملفات المستفيدين من برنامج الحماية الاجتماعية. ووفقًا للوزارة، فإن العديد من الحالات التي شملها الإعفاء تتعلق بأسر ساءت أوضاعها المعيشية، أو لم تكن قادرة على سداد المبالغ المفروضة عليها، رغم توقف الإعانة أو تقليصها.
القرار يعكس نهجًا جديدًا تتبعه الحكومة في التعامل مع الفئات الهشة، وهو قائم على المراجعة العادلة، والاستجابة للواقع المعيشي بدلاً من التمسك بالقرارات البيروقراطية التي قد لا تنسجم مع متغيرات حياة الناس.
دلالات القرار أكثر من مجرد إعفاء مالي
بعيدًا عن الأثر المالي المباشر للقرار، والذي يُعدّ مهمًا بحد ذاته، فإن له دلالات اجتماعية وإنسانية كبيرة، أهمها:
- تعزيز ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها.
- اعتراف رسمي بالظروف القاهرة التي تمر بها كثير من الأسر العراقية.
- تقليل الفجوة بين الحكومة والفئات المهمّشة، خاصة في ظل شعور العديد من المواطنين بالتجاهل أو الإقصاء.
كما يُظهر القرار أن الحماية الاجتماعية لم تعد تُعامل كمجرد "برنامج دعم مالي"، بل كأداة إصلاح اجتماعي حقيقي يمكن من خلالها تصحيح المسارات ومساعدة المواطنين على تجاوز الأزمات بدلًا من معاقبتهم عليها.
رغم الترحيب الكبير بالقرار، إلا أن الشارع العراقي يتطلع إلى ما هو أبعد من ذلك. فهناك آلاف الأسر التي ما تزال تطالب بإعفاءات مماثلة أو إعادة شمولها ضمن برامج الدعم، وهناك حاجة ماسة لمراجعة آليات التقييم والاستهداف، لضمان عدم خروج مستحقين فعليين من دائرة الدعم.
كما أن معالجة الفقر في العراق تحتاج إلى حلول شاملة تشمل فرص العمل، التعليم، والرعاية الصحية، إلى جانب الإعفاءات المؤقتة أو الدعم النقدي.
لا شك أن قرار إطفاء ديون الحماية الاجتماعية عن 1200 أسرة هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ويمثّل بادرة طيبة نحو إرساء قواعد العدالة الاجتماعية في العراق. غير أن التحدي الحقيقي يكمن في استمرار هذا النهج التقدّمي، وتوسيعه ليشمل إصلاحات أعمق تعيد الكرامة والأمل لكل مواطن يعاني من ضيق العيش